إعــــــــــــــــــرف قلبـــــــــــــــــــــك

من الضرورى أن تعرف قلبك جيدا.. إنه يعمل ليل نهار.. طوال عمرك..

وإذا كنت قادرا على اكتشاف الخلل عندما يحدث فى سيارتك.. أو ثلاجتك.. أو حتى ساعتك.

فمن المفروض أن تعرف هذه العلامات التى يمكن أن تكتشف وجود أى متاعب فى قلبك.

 وعلى الصفحات التالية دراسة عن ظواهر تحدث فى قلبك ويجب أن تفهم معناها.. ومتاعب يمكن أن تصيب قلبك وعليك أن تتجنبها.

 والآن.. حاول أن تعرف قلبك!

لغط فى القلب

اللغط عبارة عن صوت يسمعه الطبيب.. وسبب هذا الصوت هو مرور الدماء بسرعة فى أجزاء القلب المختلفة!

وفى الشخص البالغ الطبيعى.. لا يسبب مرور الدماء بسرعة فى القلب أو الشرايين أى صوت، وبالتالى لا يكون هناك أى لغط.

ولكن إذا زادت سرعة مرور الدماء فى القلب.. كما هو الحال عند الإصابة بالحمى أو عند الانفعال.. أو أداء المجهود العنيف.. فى هذه الحالات يمكن أن تحدث ذبذبات فى جزيئات الدم.. وينتج عن ذلك حدوث صوت هو ما نطلق عليه اسم: اللغط الوظيفى.. وهى حالة غير مرضية.. ولكن يحدث اللغط خلال أداء القلب لوظيفته.

كما قد يحدث نفس اللغط عند السيدة الحامل.. والسبب أن كمية الدماء التى تمر فى قلبها تكون أزيد بمقدار 25% من الحجم الطبيعى!

وعند الأطفال يحدث اللغط الوظيفى بمعدل أكبر بكثير من الكبار.. فالدورة الدموية عند الطفل أسرع منها عند الشخص البالغ الكبير.. والسبب فى ذلك كثرة حركة الطفل الصغير. وهنا.. يسمع الطبيب اللغط دون أن يكون هناك أى مرض فى القلب..

وبالطبع يزيد احتمال حدوثه إذا أصيب الطفل بأى ارتفاع بدرجة الحرارة.. أو عند إصابته بالانفلونزا أو فى حالة إصابته بفقر الدم.. أى الأنيميا.

والمعروف إنه إذا تم مرور الدم فى القلب الطبيعى السليم وبالسرعة الطبيعية، فإن ذلك لا يترتب عليه حدوث أى صوت. ولكن.. إذا كان القلب نفسه غير طبيعى.. فمن الممكن أن يحدث مرور الدم به صوتا! وعلى هذا نجد أن معظم أمراض القلب يكون لها فى أحوال خاصة الصوت المميز لها.. أو بعبارة أخرى: اللغط المميز لها. وهكذا يمكن تشخيص هذه الحالة المرضية عند سماع الصوت الخاص بها.. أو اللغط الخاص بها.

مثلا.. روماتيزم القلب.. قد تؤدى هذه الحالة إلى ضيق فى صمام معين.. أو اتساع فى صمام آخر.. وهذا يجعل جزيئات الدم تتذبذب أثناء سريانها.. وبالتالى تحدث صوتا خاصا.

كذلك تشوهات القلب الخلقية.. أى التشوهات التى يولد بها الطفل مثل: وجود ثقب بين الأذنين أو البطينين.. فى هذه الحالة يكون لسريان الدم فى القلب اللغط الخاص بها.

على هذا.. يصبح على الطبيب فى حالة وجود لغط أن يفحص القلب بدقة ليحدد طبيعة هذا اللغط وأسبابه.

فإذا كان لغطا وظيفيا.. هنا لا يحتاج الطفل إلى أى علاج.. ويصبح على الجميع أن يطمئنوا إلى سلامته.

أما إذا كان اللغط ناتجا عن مرض ما.. هنا يقوم الطبيب بتشخيص حالة المرض ويصف العلاج المناسب.

فاللغط الوظيفى كثير الحدوث فى فترة الطفولة.. ولكنه قليل الحدوث فى الكبار.

ومن المتوقع –بل والمؤكد- أن هذا اللغط سيقل بالتدريج حتى يختفى عندما يكبر ابنك!

ما هو الفرق بين:

الذبحة.. والجلطة؟!

تحتاج عضلة القلب –مثل أى عضلة فى الجسم- إلى الغذاء والأوكسجين، حتى تستمر فى أداء عملها: الانقباض.. ثم الانبساط. وبما أن عضلة القلب هى العضلة الوحيدة فى الجسم التى لا تستطيع أن تتوقف عن العمل، فإن الغذاء والأكسجين يصلان إليها عن طريق مجموعة من الشرايين.. تغطى أعلى القلب على صورة تاج.. ولذلك سميت بالشرايين التاجية.

وهذه الشرايين فى الأصل: اثنان رئيسيان يخرجان من الشريان الأورطى، ثم يتفرع كل منهما إلى عدة فروع.. بحيث يغذى كل فرع جزءا من عضلة القلب.

وأهم ما يمكن أن يصيب هذه الشرايين هو التصلب. وذلك أن المواد الدهنية الموجودة فى الدم (خاصة الكولسترول).. تمر من الدم إلى جدران الشرايين.. حيث تترسب على الجدار وتتفاعل مع خلاياه.. بحيث ينتهى الأمر بحدوث انتفاخ فى هذا الجدار.. ويملأ هذا الانتفاخ الممر الذى تجرى فيه الدماء.. وبذلك يقل الدم الذى يصل إلى عضلة القلب، حاملا إليها الغذاء والأوكسجين.

وفى بداية الأمر.. يكون الدم الذى يصل إلى عضلة القلب كافيا لتغذية القلب، وتزويده بالأوكسجين.. خلال فترات الراحة وعدم الحركة. هنا لا يشعر المريض بأى أعراض إلا بعد عمل مجهود. ولكن.. مع زيادة ضيق الشرايين.. يزيد ظهور الأعراض مع أداء أقل مجهود.. مثل تناول الطعام!!

بل وقد تظهر الأعراض عند رقاد المريض.. فالمعروف أن كمية الدماء التى يدفعها القلب تزيد بمقدار الربع عند الرقاد!

وفى كل الأحوال تقل الأعراض أو حتى تزول عندما يستريح المريض. وتتحسن الأعراض بشكل ملحوظ عندما يستعمل المريض هذه الأقراص التى توضع تحت اللسان، فتمتص فى لحظات، وتعمل على توسيع الشرايين، وتقلل بذلك المجهود الواقع على عضلة القلب. على هذا يجب الالتفاف جيدا إلى هذه الملاحظة:

يرتبط ظهور الأعراض بأداء المجهود.. وتختفى هذه الأعراض أو تقل مع الراحة أو استخدام هذه الأقراص التى توضع تحت اللسان. والعنصر الأساسى فى الأعراض هو الألم. وهو ألم من نوع خاص.. يشبه الضغط أو السحق.. أو الخنق.. ويعبر عنه المريض بالتعبيرات التالية:

فيه حاجة بتعصر صدرى.

حاسس بحجر فوق صدرى.

كأن هناك نارا خارجة من وسط صدرى.

كأن رغيفا ساخنا أو قالب طوب موجودا فوق صدرى!

وهكذا تكون أهم ملامح الألم إنه عبارة عن ضغط مستمر.

وموقع هذا الألم وسط الصدر.. تحت عظمة القص. وقد يمتد إلى أسفل فى اتجاه أعلى البطن فى هذه المنطقة التى يسميها الناس: فم المعدة. أو يمتد إلى أعلى الرقبة والفك والأسنان. وقد يمتد إلى الكتفين.. ولكنه عادة ينتشر من وسط الصدر إلى الكتف والذراع اليسرى. بل قد يحدث العكس: أى يبدأ فى الذراع اليسرى وينتشر إلى الصدر. ومن النادر أن يمتد إلى الظهر. وهكذا تتأكد الحقيقة الهامة: لا يبدأ الألم فى الموضع الذى يعتقد الناس أن القلب موجود به.. أى تحت الثدى الأيسر ولكن يحدث الألم فى وسط الصدر والذراع اليسرى.

أقراص تحت اللسان:

والنصيحة الذهبية بعد الإصابة بالذبحة الصدرية هى تجنب القيام بأى مجهود عضلى أو ذهنى.. فهذا المجهود الذي يسبب حدوث الألم يجب إيقافه فورا.. وهنا يجب أن يجلس المريض ساكنا بغير حركة.. وأن يضع تحت اللسان القرص الذى يصفه الطبيب، ويتركه للذوبان فى هدوء فإذا زال الألم كان بها.. وإلا فإن عليه أن يطلب الطبيب بسرعة.

ولا ضرر إطلاقا من وضع هذه الأقراص تحت اللسان مرة كل ربع ساعة إن لزم الأمر.

 ولا يجب مطلقا أن يحاول المريض تحمل الألم إلى أقصى درجة. أو تحدى المرض، والاستمرار فى العمل رغم إحساسه بالضيق. أو تجربة نفسه للتأكد من حقيقة صحته بتعريض نفسه للاجهاد عمدا! كانت الأعراض السابقة ناتجة عن تسريب الدهون فى جدران الشريان التاجى. أى حالة تصلب الشرايين التاجية أو قصورها. والقصور هنا يعنى أنها أصبحت لا تستطيع أن تؤدى كل ما عليها من عمل: ألا وهو توصيل الكمية الكافية من الدماء إلى عضلة القلب.. وهكذا تصبح قاصرة عن أداء عملها.

غير أن ضيق الشريان يتسبب فى بقاء الدم لفترة ولو قصيرة فى مكان ضيق. وتواجد الدهون فى جدران الشريان يؤدى إلى تقرح هذه الجدران وخشونتها من الداخل. وهكذا تصبح الظروف مناسبة لحدوث تجلط بالدم السارى بها من الداخل فى منطقة الضيق. وهذا ما نقول عنه: جلطة القلب. هنا.. يحدث التجلط فى أى وقت.. وهذا غير مرتبط بعمل مجهود معين.. فقد يحدث أثناء الراحة بل كثيرا ما يحدث أثناء نوم المريض.

والجلطة تسد التجويف الباق فى الشريان من الداخل.. وهكذا يقف مرور الدم نهائيا.. وينقطع الغذاء والأكسجين عن جزء من عضلة القلب.. ويختلف أثر ذلك على حسب أهمية وحجم الشريان المسدود. ففى كل الأحوال يحدث الألم الذى سبق أن وصفنا طبيعته ومكانه.. إلا أنه يكون أكثر شدة بكثرة من ألم الذبحة الصدرية.. ويبقى مستمرا لا يهدأ بالراحة ولا با

لاقراص التى توضع تحت اللسان. هنا يكون الانسداد الداخلى مستمرا. وكثيرا ما يكون الألم مصحوبا بعرق غزير وميل إلى القئ وإحساس بالإعياء. وليس غريبا أن يداهم المريض خوف من الموت!

وفى أحوال أخرى قد يضاف إلى الألم اضطراب فى النبض.. أو هبوط فى الضغط أو ضيق فى التنفس.. أو إغماء ودوخة. وهذا إذا كان الجزء المصاب كبيرا.. وبقى الجزء السليم غير قادر على القيام بالمهام المطلوبة من القلب. إذا حدثت هذه الأعراض الإضافية، يصبح من الضرورى إتمام التدخل العلاجى السريع، وهذا يستدعى النقل الفورى لوحدة الرعاية المركزة.

والعنصر الأساسى فى العلاج هو الراحة التامة. والمقصود هنا هو الراحة الذهنية والجسمانية. ويصف الطبيب الدواء الذى يبطل الإحساس بالألم.. ويجب أن يكون ذلك بأسرع ما يمكن وعادة لا تفيد المسكنات العادية فى ذلك.. ويحتاج الأمر إلى مسكنات قوية لا تصرف إلا بتذكرة طبية.

وبعد كل هذا الكلام.. تتزايد علامات الاستفهام:

لماذا يحدث تصلب الشرايين؟ ولماذا يختار “التصلب” الشرايين التاجية بالذات؟

ثم لماذا يترسب الكولسترول فى جدران الشرايين التاجية لشخص دون آخر؟

الواقع أن ترسيب الدهنيات فى جدران الشرايين يبدأ منذ فترة الطفولة، ويستمر حتى نهاية العمر. غير أن السرعة التى يتم بها هذا الترسيب تختلف من شخص إلى آخر. والذى يحدد هذا الاختلاف عوامل متعددة:

  • هناك مثلا زيادة الدهنيات بالدم.. وخاصة الكوليسترول وبالتحديد الكوليسترول قليل الكثافة.
  • هناك أيضا وجود ارتفاع فى ضغط الدم.
  • كذلك كثرة التدخين.

  • وبجانب كل ذلك هناك عوامل أقل أهمية منها الاستعداد العائلى للإصابة بالمرض.. وزيادة وزن الجسم.. وقلة الحركة.. والإصابة بمرض السكر.. وزيادة حامض البوليك بالدم.

وبالطبع ليس من الضرورى أن تجتمع كل هذه العوامل أو حتى بعضها لحدوث التصلب، ولكن المؤكد أو وجودها يزيد من احتمال حدوث الإصابة بالتصلب. فإذا تواجد أكثر من عامل فى وقت واحد، تضاعف احتمال حدوث تصلب الشرايين. وفى حالات معينة يحدث تصلب الشرايين لأسباب أخرى لم يحددها العلماء حتى الآن.

ولكن ما هى حقيقة مادة الكوليسترول؟

إنه المادة الدهنية التى تترسب فى جدران الشرايين. وقد ثبت أن ما يقال عنه الكوليسترول هو فى حقيقة الأمر مزيج من نوعين: أحدهما عالى الكثافة وهو لا يسبب التصلب.. والآخر قليل الكثافة.. وهو النوع الذى ينتقل من الدم إلى جدار الشرايين ويترسب فيه.

ومن الواجب إلا تزيد نسبة الكوليسترول بالدم عن 250 ملليجرام؟.. بل ويفضل أن تكون أقل من ذلك.

 

وتزيد نسبة الكوليسترول بالدم إما بالإفراط فى تناول أنواع معينة من المواد الدهنية المشتقة من الحيوان مثل: السمن والقشدة والزبد ودهون اللحوم والطيور والأسماك.. وكذلك عند تناول المواد الغنية بالكوليسترول، حتى وإن كانت قليلة الدسم، مثل صفار البيض والمكسرات والجنبرى والكبدة والكلاوى والمخ. وعلى العكس من ذلك.. فإن الزيوت النباتية (خاصة الزيوت غير المشبعة) مثل زيت الذرة تساعد على تخفيض نسبة الكوليسترول فى الدم.

وبجانب الكوليسترول يوجد نوع آخر من دهنيات الدم (ويطلق عليه اسم التراى – جليسرايدز).. وهو موجود فى الشخص الطبيعى بكمية تتراوح ما بين 50 و 150 ملليجراما؟.. ودور هذه المادة فى إحداث تصلب الشرايين ثانوى.. وهو على أى حال مرتبط إلى حد كبير بوجود السمنة وتناول السكريات واضطراب التمثيل الغذائى للسكر بالدم.

ويؤدى مرض السكر إلى حدوث تصلب الشرايين عن طريث وجود تأثير لمرض السكر يؤدى زيادة نسبة الدهنيات بالدم.. ويعنى ذلك أن ضبط كمية السكر فى الدم عن طريق استخدام الأدوية، يمكن أن يؤدى إلى منع حدوث تصلب الشرايين كمضاعفات لحدوث مرض السكر.

أما ارتفاع ضغط الدم فقد ثبت أنه يضاعف نسبة الإصابة بتصلب الشرايين. ويتناسب الخطر الناتج عنه مع درجة الارتفاع.. وسنتحدث عن ذلك بالتفاصيل فىما بعد.

نصل الآن إلى خطر التدخين. لقد تأكد بصفة قاطعة أن السيجارة تضر بالقلب بأكثر من وسيلة:

فالتدخين يزيد من نسبة حدوث تصلب الشرايين.

وبالتالى يزيد من أمراض القصور فى الدورة التاجية.

كما أن التدخين يزيد من سرعة نبض القلب، ويحدث اضطرابا فى النبض مثل الخفقات أو الإحساس بالضربة الزائدة، كما أن التدخين ينتج أو أكسيد الكربون الذى يتحد مع بعض هيموجلوبين الدم.. فيفقده القدرة على حمل الأوكسجين.

  وفى المدخن القديم قد تصل نسبة الهيموجلوبين العاجز عن أداء وظيفته نحو 15% وهكذا يكون الدم أقل قدرة على الاستجابة لمطالب الجسم.

وهكذا تتضح الصورة ونجد أننا أمام ثلاثة عوامل هامة:

الكوليسترول.

ارتفاع ضغط الدم.

التدخين.

إنهاء العوامل الرئيسية ذات الخطر الكبير فإذا كان هناك عاملان من هذه العوامل الثلاثة فى وقت واحد، يصبح احتمال الإصابة بأمراض الشرايين التاجية أكبر مما لو كان هناك عامل واحد منها فقط. وعلى هذا يصبح من الضرورى تجنب وجود هذه العوامل منفردة.. وبالتالى يصبح تجنب وجود اكثر من عامل واحد فى نفس الوقت أكثر ضرورة للمحافظة على سلامة الصحة.

ضغط الدم

وطول العمر

إذا كنت فى الخامسة والثلاثين وأنت صحيح البدن، فأمامك حياة مديدة تقدر فى المتوسط بواحد وأربعين عاما أخرى.. لكن بشرط واحد:

أن يكون ضغط دمك طبيعيا أى 120 على 80، أما إذا ارتقع دمك إلى 150 على 100 فسوف تفقد ستة عشر عاما ونصفا من عمرك.. أى يصبح متوسط باقى عمر الفرد المتبقى خمسة وعشرين عاما بدلا من واحد وأربعين ونصف عام. أى والله.. ستة عاما ونصف عام من الفرح والبهجة والنشاط والعمل تفقدها لأن ضغط دمك ارتفع إلى 150 على 100. أقول تفقدها ولا أقول تفقدينها، ذلك لأن جسم المرأة يقاوم ارتفاع ضغط الدم أكثر من الرجل، لأن هرمونات الأنوثة تحمى الشرايين من أثر ارتفاع الضغط وتمنع تصلبها.

والفكرة الشائعة أن المرأة جنس ضعيف، إنما هى محض هراء.. ابتدعها الرجال ليرضوا غرورهم.. وروج لها النساء ليضحكن بها على ذقون الرجال ويأخذن منهم ما يردن. ألسن هن المستضعفات.. المحتاجات للرعاية والحنان؟

والأدهى والأمر أنه إذا كان ضغط دمك 150 على 90 فلن تكون عندك أية أعراض، ستحسن بنفسك سليما معافى.. لا شىء يدفعك للذهاب للطبيب أو حتى قياس الضغط. هذا هو لب المشكلة..

 وهى قضية اجتماعية فلسفية بقدر ما هى طبية. كيف تدفع ملايين المواطنين بالتوجه للطبيب أو حتى قياس الضغط. هذا هو لب المشكلة.. وهى قضية اجتماعية فلسفية بقدر ما هى طبية.

كيف تدفع المواطنين بالتوجه للطبيب وقياس ضغط الدم بانتظام حتى يكتشفوا هذا القاتل المختفى الصامت إن وجد؟

 فإذا ما حدث مصافة أن تم قياس الضغط فى كشف طبى روتينى، أو عند عمل وثيقة تأمين على الحياة، واكتشف أن ضغطه مرتفع ويحتاج للعلاج، فهو لا يدوام على تعاطى الدواء أكثر من أسابيع معدودة ثم يهمله. ما هو ضغط الدم إذن وما أثر ارتفاعه على الجسم؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه :

ما هو ضغط لادم؟

عندما ينقبض القلب ويدفع الدم إلى شرايين الجسم بقوة ينتج عن هذا زيادة الضغط داخل هذه الشرايين، وقياس الضغط يتم بمساواته بضغط عمود من الزئبق.. فمثلا إذا قلنا: إن ضغط الدم 120 فمعنى ذلك أن الضغط داخل الشرايين يماثل ذلك الذى يحدثه عموده من الزئبق ارتفاعه 120 ملليمترا.

ولماذا يعبر عن الضغط برقمين؟

ألم نتساءل كثيرا لماذا يقول الطبيب إن الضغط 120 على 80؟.. ماذا يعنى كل من هذين الرقمين؟

سبق أن ذكرنا أنه مع كل نبضة من نبضات القلب ينقبض البطين الأيسر.. فيدفع جزءا من الدم إلى الشرايين بقوة، وتتمدد جدران الشرايين بعض الشئ، لتستوعب هذا الدم الإضافى، وينتج عن كل هذا زيادة فى الضغط داخل الشرايين إلى ما يسمى الضغط الانقباضى.. أى ذلك الذى يحدث أثناء انقباض القلب، وهو لا يجوز أن يزيد عما يوازى ضغط 150 ملليمترا من الزئبق بأى حال. وبمجرد انتهاء الانقباض يبدأ القلب فى الانبساط، ويتوقف عن دفع الدم فى الشرايين ويتسرب الدم المخزون فى الشرايين من خلال الشرايين الطرفية والشعيرات الدموية ليغذى خلايا الجسم.. ويصحب هذا أن يبدأ ضغط الدم فى الهبوط، ويستمر هذا الهبوط ليصل إلى أقل مستوى له نهاية فترة الانبساط وقبل بدء الانقباض التالى مباشرة.

عندئذ يسجل الطبيب الرقم الثانى.. أى الضغط الانبساطى، وهو لا يجوز أن يزيد على ما يوازى 95 ملليمترا من الزبق بأى حال.

وأى الرقمين أهم؟ الانقباضى أو الانبساطى؟

 كلا الرقمين هام للتعرف على حال الدورة الدموية غير أننا نلاحظ أن العوامل التى أنتجت كلا من الضغطين الانقباضى والانبساطى تختلف:

 فمثلا الضغط الانقباضى يحدث أثناء اندفاع الدم فى الشرايين، فيتحكم فى مقداره كمية الدم المدفوع ومقدار استعداد الشرايين الرئيسية لاستقبال هذا الدم. أما كمية الدم المدفوع فتزداد فى بعض الأمراض، مثل زيادة إفراز الغدة الدرقية، وارتجاع الصمام الأورطى وهو من مضاعفات الحمى الروماتيزمية.. وفى هذه الأحوال يجب أن يكون العلاج موجها للمرض الأصلى.. إذ أن ارتفاع الضغط ما هو إلا مظهر من مظاهر المرضى الأصلى، ولا يجوز علاج مثل هذه الأحوال بموسعات الشرايين، إذ أن انقباض الشرايين ليس هو السبب.

أما استعداد الشرايين الرئيسية لا ستقبال الدم فيعتمد على مرونتها وطراوتها، لذلك يزداد الضغط الانقباضى مع تصلب الشرايين الكبرى.. ولذلك فكثيرا ما يكون هذا الضغط مرتفعا فى كبار المسنين الذى ينتشر بينهم تصلب الشرايين.

وضغط دم فى حدود الـ 170 على 80 أو 180 على 90 كثيرا ما يوجد فالعقود السادس والسابع والثامن من العمر، ولاحظوا أن الارتفاع مقصور على الضغط الانقباضى.  هنا أيضا لا يجوز استخدام موسعات الشرايين، إذ أن أصل المرض هو تصلب فى الشرايين الكبرى، وليس انقباضا فى الشرايين الطرفية، لكن العلاج هو التغلب على تصلب الشرايين.

قيل إن ارتفاع الضغط الانقباضى غير مهم.. فهل هذا صحيح؟

طبعا غير صحيح.. بل هو مهم جدا ويعدل فى أهميته ارتفاع الضغط الانبساطى، غير أن أسبابه محددة كما ذكرنا، وعلاجه يختلف عن علاج ارتفاع الضغط الانبساطى.

ماذا يعنى ارتفاع الضغط الانبساطى؟

يعتمد هذا الضغط أساسا على كمية الدم التى تتسرب من الشرايين إلى الأوردة عبر الشعيرات الدموية والشرايين الطرفية أثناء انبساط القلب.. ولذلك فمقداره يعتمد على درجة انقباض أو اتساع هذه الشرايين الطرفية التى تختلف حساسيتها واتساعها من شخص لآخر حسب عوامل وراثية ومؤثرات عصبية وضغوط نفسية وإفرزات هرمونية وتراكم عنصر الصوديوم (وهو المكون الأساسى لملح الطعام) فى خلايا الجسم.

من هذا نخلص إلى أن أسباب ارتفاع الضغط الانبساطى (وهو ما يسمى فى العرف العام مرض ضغط الدم) هو واحد أو أكثر من العوامل التالية:

أولا: استعداد وراثى لارتفاع ضغط الدم ووجود هذا المرض فى عدة أفراد من الأسرة.

ثانيا: مزاج عصبى حساس ومرهف يتأثر بأقل المضاعفات والمنغصات.

ثالثا: تناول كمية كبيرة من ملح الطعام بانتظام.

رابعا: مجموعة من الأمراض الجسمانية التى تؤدى إلى زيادة إفراز الهرمونات والكيماويات القابضة للشرايين من خلايا الجسم وغدده، منها أمراض الكلى المزمنة وبعض أمراض الغدد الصماء.

وعلى الرغم من ان غالبية أمراض الكلى قد تحدث ارتفاعا فى ضغط الدم إلا أن أهمها وأكثرها انتشارا هو المجارى البولية والكلى..

 

اترك تعليقاً